استمعت مؤخرا الي ألبوم ولا نص كلمة للمطرب المصري محمد فؤاد وكانت لي هذه الملاحظات:
* برغم مرور عشرات السنوات مازلت ألمح في فكر فؤاد ترنحا قويا مابين الرغبة في الوثوب الي أي جديد ومنتهي الخوف من اي تجديد!!
* أما ما يحيرني بحق حين الرغبة في التجديد فهو ذلك الايمان المطلق وتلك الثقة المفرطة من جانبه في أن التجديد يمكن ان يتأتي من مجرد العزف بنغمات مختلفة داخل نفس المقامات دائما أبدا; أو من مجرد التعبير بمفردات وكلمات مختلفة داخل نفس الموضوع ـ وليس الموضوعات ـ دائما أبدا!!
* في عالم الترجمة تكون أفضل النصوص هي تلك التي لا يشعر معها القاريء أن هذا النص مترجم; وفي عالم التصوير تكون أفضل الصور هي تلك التي لا يشعر معها الناظرون أن هذا الشخص( جلس) بقصد أن تلتقط له هذه الصورة أو تلك عمدا مع سبق الاصرار والترصد!!
* أشهد بأن التدخين ضار جدا بالصحة!!
* الحملة الدعائية المصاحبة للألبوم بالقياس الي حجم نجومية مطرب في مثل شهرة محمد فؤاد جاءت بحق منهارة!!
* الميزة المضافة من كتابة كلمات الأغنيات علي ظهر الغلاف فقدت معناها تماما بتبني طريقة النانو تكنولوجي في كتابتها!!
* لحن وليد سعد في أغنية جت ياراحت جاء خاطفا للاسماع في مقام النهاوند; اذ تميزت جمله اللحنية بكونها محرضة للأجساد علي الحركة. وقد عرف وليد كعادته من أين يختار نقطة بداية اللحن, وعرف أيضا كيف يطورها; وقد قسم وليد لحنه الي ثلاث أفكار لحنية تنقل فيما بينها برشاقة وحافظ خلالها علي نفس الدفعة الشعورية, فضلا عن قدرته علي التنوع النغمي في الجمل الثلاث دونما الخروج عن روح تفعيلات الجملة الموسيقية التي اختارها. الموزع الموسيقي هاني يعقوب أجاد في اختيار الجملة الايقاعية المناسبة للحفاظ علي حراك اللحن ككل وقد أجاد في اضافة الزخارف المناسبة من حولها. وقد استهل يعقوب الاغنية بجملة آلة كيبورد, وإن كنت أراها مستنتجة بعض الشيء وأري انه اكثر في اعادتها في محاولة لعمل بناء تصعيدي من حولها يمهد لدخول خط الغناء عموما, الا انني أشد علي يده بخصوص خط آلة الباص جيتارالذي وضعه والذي كان سببا رئيسيا في حراك الجملة الإيقاعية والاغنية ككل في أثناء العزف أو حين الصمت, تؤديه أنامل عازف متمكن ـ رفيق ـ يعرف خبايا آلته الموسيقية; يتعانق مع تآلفات الجيتار الممسكة بزمام الاغنية ككل هذه الحلية الحائرة للناي تزخرف الأمر في الخلفية دون إقحام. التركيبة الكورالية حول صوت فؤاد بصوت فؤاد جاءت هي الاخري موفقة من الناحية الهارمونية ومن ناحية منطقية اختيار أماكنها بطول الاغنية; وكذلك جاء اختيار الموزع الموسيقي لموضع تفعيل خط الوتريات حين إعادة المذهب وحين الفصل في نهاية جملة الفاصل والتي هي جاءت تكرارا لجملة استهلال الأغنية ولكن بأنامل عازف آلة القانون المتميز ماجد سرور هذه المرة فجاءت بعض الشيء مختلفة. قرأت علي الغلاف اسم عازف الترومبيت المتميز مجدي بغدادي ضمن من شاركوا في العمل ولا اعرف إن كان المقصود بخط الترومبيت في هذه الاغنية هو مجرد بعض الـBrassFalls التي انهمرت بين الحين والحين مع نهايات الجمل; اذ ان الأمر كان يحتمل من وجهة نظري مزيدا من التفعيل لهذه الآلة ما كان من شأنه إضفاء المزيد والمزيد من الحراك والحيوية. كلمات نادر عبد الله حملت في مجملها مشاعر صادقة نحو حبيب قررالانطلاق معه نحو المستقبل من بعد حالة تجمد أضاع خلالها الصمت من العمر ما أضاع, وقد جاء اختياره للالفاظ صديقا للاسماع لا تشوبه اختيارات لفظية او التواءات في التعبيرات تمليها القوافي, وانما عرف نادر كيف يطوع القوافي في خدمة ما أراد التعبير عنه
فجاء الأمر برمته سلسا. وقد أعجبني صدق وحميمية تعبيره وحسن نياته في شطري: وأنا م النهارده وعد مني وليك عليا.. ما امشيش في سكة إلا وايديك بين ايديا . التناول الغنائي لمحمد فؤاد لهذه الأغنية عموما يعكس خبرته المتراكمة وحرفيته اللافتة في لمس مراكز الاحساس لدي مستمعيه; فهو يعرف كيف يغني الجملة الموسيقية, وكيف يلقيها في البدء, وللحديث بقيه......